العصر الحديث:
بينت دراسة أعدها خبراء من منظمة الصحة العالمية WHO حول طب الأعشاب أن اللجوء للنباتات والأعشاب الطبية في العلاج سيوفر بدائل رخيصة الثمن لأدوية مصنعة باهظة الثمن تكلف ميزانيات الصحة الكثير.
وأنه يمكن دمج الأدوية العشبية مع الأدوية الكيميائية المصنعة ليتسنى الاستفادة من الجوانب الإيجابية من كلا النوعين من العلاج، وبذلك تتوفر لدينا أدوية مأمونة رخيصة الثمن تفيد في مقاومة وعلاج الكثير من الأمراض المزمنة، كما هي الحال في النموذج الصيني والهندي، لذلك عقدت الكثير من المؤتمرات العالمية ولكن أهمها كان مؤتمر ماستريخت بهولندا الذي كان تحت رعاية منظمة الصحة العالمية WHO وحضره ممثلون لأكثر من 100 دولة وصدرت عدة توصيات لهذا المؤتمر كان من أهمها:
1 ـ حث منظمة الصحة العالمية لوضع دستور عالمي تشترك فيه الدول المشاركة لجمع مواصفات وخصائص النباتات والأعشاب العلاجية.
2 ـ إنشاء المعاهد والكليات المتخصصة بتدريس طب الأعشاب الطبية ومنح الدارسين الدرجات العلمية المختلفة.
3 ـ وضع مقررات تجمع بين التعليم الصيدلي والطبي وطب الأعشاب كما هو متبع في اليابان والصين والهند.
قدرت منظمة الصحة العالمية أن الأعشاب العلاجية هي الأدوية الأولية لحوالي ثلثي سكان العالم أي حوالي 4 مليار شخص.
وتدل الإحصائيات على أن 25% من كل الوصفات العلاجية في الولايات المتحدة تحتوى على مواد فعالة ذات أصل نباتي، وفى سنة 2003م بلغت صناعة طب الأعشاب في أمريكا وحدها ثلاثة بلايين دولار.
وحديثا أصبح الاتجاه إلى التداوى بالأعشاب الطبية صيحة تطلقها المعاهد العلمية في البلاد المتقدمة هربا من الآثار السمية المدمرة للكيمائيات الدوائية، فنجد في بلاد الشرق الصين والهند على رأس الدول الشرقية التي اهتمت وما زالت تهتم بطب الأعشاب وتوجد له كليات تدرسه وتخرج أطباء وصيادلة متخصصين في العلاج بالأعشاب الطبية، وفي الغرب نجد أن ألمانيا هي أكثر الدول الأوربية اهتماماً بالأعشاب الطبية ويوجد بها أكثر من3500 دواء عشبي تصرف للمرضى من الصيدليات وتليها فرنسا وانجلترا والولايات المتحدة الأمريكية التي يوجد بها أكثر من 2000 دواء عشبي، وكذلك كندا واستراليا وكل هذه البلاد بها كليات ومعاهد تدرس هذا العلم، واتحادات وهيئات على أعلي مستوى لتنظيم مهنة التداوى باستخدام الأعشاب الطبية
أصول وقواعد التداوي بالأعشاب الطبية: يشتكي بعض المرضى من أنهم استعملوا بعض الأدوية العشبية، ولكن نتائجها لم تكن مشجعة، لذا يجب توضيح عدة نقاط مهمة للمرضى والمهتمين بالأعشاب الطبية وهي:
1 ـ أولا يجب تشخيص المرض بدقة معتمدين في ذلك على التقدم الكبير في مجال التشخيص الطبي الحديث حيث إن نجاح العلاج يعتمد أساسا على دقة التشخيص.
2 ـ أما بالنسبة للدواء فيجب أن تحدد أنواع الأعشاب المستخدمة وكميتها وجرعتها ووقت استخدامها بدقة، وعدم تداخلها وتضادها، معتمدين في ذلك على الطبيب أو أخصائي العلاج بالأعشاب الدارس والمتخصص في هذا العلم.
ويجب أن نعرف أن التداخل والتضاد في تأثير الأعشاب الطبية لا يعرفه إلا أخصائي العلاج بالأعشاب الطبية.
3 ـ بخصوص مادة الدواء وهي الأعشاب الطبية فيجب أن تراعى النقاط التالية عند تحضير الدواء العشبي:
ـ أن تكون الأعشاب قد زرعت في موسمها وفي بيئتها المناسبة بعيدا عن التلوث البيئي (بأن تكون بعيدة عن مصانع البتروكيماويات وغيرها من المصانع الملوثة للبيئة المحيطة (وبدون استخدام أي كيماويات) نستخدم الزراعة الحيوية فقط ونلاحظ أنه يوجد في البلاد الأوروبية متخصصين في زراعة النباتات الطبية نظرا لأهمية ذلك.
ـ لا يتم حصاد النبات إلا عند اكتمال النضج ووصول المواد الفعالة في الأجزاء المختلفة من النبات إلى أقصى تركيز لها وعندما يكون الجزء المطلوب من النبتة في أوج حيويته وقد يساء إلى هذه النباتات الحيوية أثناء عملية الجمع والتجفيف والتخزين فتفقد العشبة بعض أو كل المواد الفعالة مما يؤثر على قدرتها العلاجية.
فالزهور مثلا تجمع في الصباح الباكر بعد أن تجف قطرات الندى حيث تكون في أوج نضارتها
الأوراق والسيقان تجمع غالبا بعد الظهر حيث تكون قد تشبعت من أشعة الشمس وازداد محتواها من المواد الفعالة. وأما الجذور فتجمع غالبا في فصلي الربيع والخريف حيث يكتمل نضجها في ذلك الوقت وتكون غنية بالمواد الفعالة.
4 ـ عملية التجفيف تعد من أهم العمليات التي تؤثر على المواد الفعالة في النبتة وعموما نستخدم أشعة الشمس غير المباشرة في التجفيف وحديثا وجدت الأفران الكهربية المخصصة لهذا الغرض
5 ـ التخزين يعد من أسس علم الأعشاب ويجب مراعاة قواعده بكل دقة لتفادى فساد النبات وتكون الفطريات وفقدان المواد الفعالة، وفى حالة التخزين الجيد تظل النبتة الجافة محافظة على ما تحويه من مواد فعالة لمدة سنة إلى سنتين.
6 ـ صناعيا تقوم الشركات الكبرى والمتخصصة في تصنيع وتعبئة النباتات الطبية بقياس المواد الفعالة بكل دقة في كل نبات على حدة قبل عملية البيع للجمهور.
لذا فالتأثير العلاجي للنباتات الطبية يعتمد كما ذكرنا على التشخيص الجيد والعلاج المناسب فإذا اجتمع الاثنان ووافق الداء الدواء برأ المريض ـ بإذن الله.
تأثير الأعشاب الطبية على الجسم:
توجد الكثير من التأثيرات الطبية المهمة للأعشاب على الجسم سنذكر بعضها على سبيل المثال:
1 ـ التحفيز: ويقصد به تحفيز جهاز المناعة بالإضافة إلى القوة الحيوية الطبيعية في الجسم لمقاومة المرض، ومثال على ذلك الثوم والبصل والحبة السوداء والزنجبيل والجنسنج.
2 ـ تنقية الدم: وهذا يحتل أهمية فائقة عند المعالجين بالأعشاب حيث إن تنقية الدم ومعادلة الحامضية الفائضة يؤدى إلى انحسار أسباب المرض وبذلك تزول الأعراض ومثال على ذلك الهندباء البرية والأخناسيا والسفراس.
3 ـ التهدئة: وتعطى عندما يكون المريض بحالة عصبية وقلقة وحساس بالشكل الذي يعرقل عملية التغلب على المرض مثل: جذر الكمفرى، والبابونج.
4 ـ التنشيط: ويقصد به بناء طاقة الجسم خصوصا للضعفاء والمرهقين وتستعمل غالبا في حالات الأمراض المزمنة والمنهكة أو في فترة النقاهة من الأمراض الحادة مثل الجانسنج والبقدونس والشطة.
5 ـ إدرار السوائل: ويقصد به موازنة كميات السوائل في الجسم وبالخصوص الماء الذي يشكل معظمها، مثل شواشي الذرة وعنب الديب والبقدونس.
6 ـ التعريق: ويقصد به إخراج العرق من مسامات الجلد لمعالجة الأمراض الجلدية ومعالجة البرد ومثال على ذلك الزنجبيل الفلفل، القرفة والبابونج.
7 ـ التقيؤ: ويقصد به إخراج ما بالمعدة عند الإحساس بالغثيان أو في حالات التسمم ومثال على ذلك نبات اللوبيليا.
8 ـ إطلاق البطن: ويقصد به إخراج الفضلات المجتمعة في الجهاز الهضمى لتفادي امتصاص السموم من الفضلات الموجودة في الأمعاء إلى الدم كما في حالات الإمساك ومثال على ذلك الصبار والكسكرة والسنامكى وعرق السوس.
9 ـ مضادات الميكروبات: ويقصد بها مضادات البكتريا والفيروسات والفطريات وتستخدم للمساعدة على علاج الأمراض التي تسببها الميكروبات السابقة مثل الثوم والعرقسوس.
تصنيف الأعشاب الطبية حسب درجة الأمان: 1 ـ النوع الأول وهو الأعشاب الآمنة:
وهي الأعشاب التي شاع استعمالها منذ قرون وليس لها أي أثار سمية وينصح باستعمالها في معالجة المشكلات الصحية العارضة، مثل اليانسون والشمر لغازات البطن، والمريمية للمغص
والثوم والبصل لنزلات البرد، والحناء لتساقط الشعر.
2 ـ النوع الثاني أعشاب غير شائعة الاستخدام في بلادنا:
وهى غير معروفة للمواطنين ولكنها معروفة لدى العطارين وفى الصيدليات التي تبيع الأدوية العشبية مثل الجنكو والجانسنج والراوند وغيرها وهذه النباتات لا تستعمل إلا بوصفة من أخصائي الأعشاب الطبية.
3 ـ الأعشاب التي تحتوى على نسبة سمية:
وهذه تخضع لقوانين الأدوية الكيميائية في جرعاتها ووقت استخدامها ولا يجوز للمريض أن يستخدمها إلا بوصفة من طبيب متخصص ولو وصفت من أخصائي في الأعشاب فيجب أن يكون ذلك بإشراف مباشر من طبيب مثال على ذلك نبات البلادونا والداتورة والدفلة وغيرها.
ومنذ عقد مضى كان الأطباء أكثر تشككا في العلاج بالأعشاب، أما اليوم فقد أصبح الأطباء أكثر تفتحا على العلاج بالأعشاب إلى حد كبير لأنهم لاحظوا نتائجها العلاجية على مرضاهم لذلك لا يتردد الكثير من الأطباء في وصف النباتات الطبية لمرضاهم، أو تحويل مرضاهم إلى أخصائيين في العلاج بالأعشاب الطبية. وقد يكون الأمر الأكثر أهمية اليوم أن معظم مستخدمي الأعشاب هم من الأطباء أنفسهم.
المراجع:
1 ـ الدليل الكامل في التداوي بالأعشاب والنباتات الطبية دكتور: أحمد توفيق منصور.
2 ـ الأعشاب العلاجية الجديدة مايكل كاسمان.
3 ـ النبات والطب البديل دكتور: توفيق الحاج يحيي.
4 ـ العلاج المعجزة جين كاريبر.